سألتني احدى الأمريكيات مسيحية الدين كاثلوكيه تحديدا ،في ولاية تلسا( اوكلاهوما) عن سبب اهتمام المسلمين بالتيامن؟! لماذا نقوم بالبدء باليمين في كل شئ ، في تقديم الشراب ، والأكل ، وحتى عند التوزيع نفضل أن نبدأ باليمين.
في الوقت الذي سألتني سكت لثواني من دهشتي كيف لاحظن أننا نقوم بذلك ، ورددت بقولي اتباعاً لسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. لم يكن ردي الجواب الذي تبحث عنه فقالت: لماذا لاتستخدموا يدكم اليسرى عند الأكل مثلاً ، فكلاهما يدان والأغلب نظيفتان وتم غسلهما بالماء والصابون ؟! فقلت: أمرنا رسولنا بالإقتداء بسننه وبما يفعله ، والتيامن فيه أجر ان شاءالله للإقتداءنا بسنة نبينا هذا أول شئ. ثانياً لأن اليد اليمين أو التيامن بشكل عام إما في دخول مكان عن طريق القدم اليمنى أو البدء باللبس عن طريق الجهه اليمنى والنوم على الجهه اليمنى، فتستخدم عن طريق الأشياء المحببه الحسنه ، أما التياسر فيكون للأشياء الغير محببه كدخول الخلاء أو الخروج من المنزل . وأضفت أيضاً أن يوم القيامة أهل الجنة يستلمون صحائفهم بيمينهم بعكس اهل النار الذين يستلمون صحيفة أعمالهم بشمالهم ، وفسرت لها الكلام وأوضحته. فكانت اجابتي هذه أيضاً ليس ماتريد سماعة ولم تقنعها . فقالت: حسنا .
في تلك اللحظه تمنيت لو أنني أملك الإجابة الشافيه المقنعة ، وددت لو أنني أستطيع تذكر شئ ممادرسته أو قرأته ، لتعجبي من سؤالها لم أستطع التفكير برد . فتمنيت لو أنني قرأت كتاباً مؤخرا وذكر فيه فضل التيامن ، وتمنيت أيضاً لو أنني قرأت عن الدين المسيحي ولو قليلا غير الذي أسمعه .
ماوجدته في مدينة تلسا ( في أوكلاهوما ، أمريكا) أن الكثير من المسيحيين متشددين في الدين ، والظاهر لنا أو مايظهرونه هم لنا بأنهم مقتنعين بدينهم . فكان علي أن أقرأ ولو قليلا عن دينهم ومعتقداتهم أو حتى أسمع محاضرات يقيمها أفاضلة مسلمون عن المسيحيه وكيفية التحدث مع مسيحيين ، وعن كيفية اقناعهم بديننا الإسلام ، وأسئلة يطرحها مسيحيون وغيرهم من غير المسلمين ويجيب عنها كبار الأئمه المسلمون مثل الدكتور أحمد ديدات والدكتورزاكر نايك و محمد العريفي وغيرهم.
وقد يكون أمر التيامن عادياً ومعتاداً لنا نحن المسلمين لأننا نؤمن بأن الدين الإسلامي هو الدين الحق ، إلا أن غيرنا يجهل هذه الحقيقة.
لذا فور عودتي لمنزلي أخذت أبحث عن إجابة لسؤالها بحيث يمكنني اقناعها والميل بقلبها إلى ديننا الإسلام . وتفاجأت بما وجدت من معلومات حتى عن دينهم بخصوص التيامن!
"هَذِهِ قَاعِدَة مُسْتَمِرَّة فِي الشَّرْع : أنَّ مَا كَانَ مِنْ بَاب التَّكْرِيم وَالتَّشْرِيف كَلُبْسِ الثَّوْب وَالسَّرَاوِيل وَالْخُفّ وَدُخُول الْمَسْجِد وَالسِّوَاك وَالِاكْتِحَال , وَتَقْلِيم الْأَظْفَار , وَقَصّ الشَّارِب , وَتَرْجِيل الشَّعْر (وهو تسريحه), وَنَتْف الْإِبِط , وَحَلْق الرَّأْس , وَالسَّلَام مِنْ الصَّلَاة , وَغَسْل أَعْضَاء الطَّهَارَة , وَالْخُرُوج مِنْ الْخَلَاء , وَالْأَكْل وَالشُّرْب , وَالْمُصَافَحَة , وَاسْتِلَام الْحَجَر الْأَسْوَد , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ يُسْتَحَبّ التَّيَامُن فِيهِ . وَأَمَّا مَا كَانَ بِضِدِّهِ كَدُخُولِ الْخَلَاء وَالْخُرُوج مِنْ الْمَسْجِد وَالِامْتِخَاط وَالِاسْتِنْجَاء وَخَلْعِ الثَّوْب وَالسَّرَاوِيل وَالْخُفّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , فَيُسْتَحَبّ التَّيَاسُر فِيهِ , وَذَلِكَ كُلّه لِكَرَامَةِ الْيَمِين وَشَرَفهَا " قاله النووي في شرح صحيح مسلم .
هذا ماكنت أعرفه وذكرته لها مسبقا.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ ، وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ ) .
وما ذكره العلماء من الحكمة من التيامن في الأشياء التي هي من باب الإكرام :
1- أن في هذا مخالفة للشيطان ، كما في الأكل والشرب .وفيه مخالفة لأهل الشرك، إذ أن شعارهم استعمال الشمال.
2- أن فيه إكراماً لليد اليمنى على اليسرى .
3- أن فيه استعمال الأدب مع الناس ، حيث لا يصافحهم ولا يأخذ منهم ، ولا يعطيهم بيده التي يزيل بها النجاسة . 4- أن في هذا تفاؤلاً أن يجعلنا الله من أهل اليمين .
1- أن في هذا مخالفة للشيطان ، كما في الأكل والشرب .وفيه مخالفة لأهل الشرك، إذ أن شعارهم استعمال الشمال.
2- أن فيه إكراماً لليد اليمنى على اليسرى .
3- أن فيه استعمال الأدب مع الناس ، حيث لا يصافحهم ولا يأخذ منهم ، ولا يعطيهم بيده التي يزيل بها النجاسة . 4- أن في هذا تفاؤلاً أن يجعلنا الله من أهل اليمين .
و معنى “اليمين” لغة يشمل أمورا عديدة وكلها طيبة، كالبركة والقوة والشدة، ومن اجل ذلك عني الاسلام بالتيامن.
لم يقتصر الحض على التيامن في ديننا (الإسلام) فحسب بل هو سنة أكد عليها جميع الأنبياء وأمروا بها أتباعهم، مما يدل على أن دعوة جميع الأنبياء واحدة، إلا أن الناس حرفوا وبدلوا ما استطاعوا، حتى صار من بعدهم أمما متفرقين وأحزابا متناحرين.
التيامن في اليهودية :
في سفر التكوين ورد اسم " بنيامين بن يعقوب "، ومعنى الاسم كما يقول قاموس الكتاب المقدس هو " ابن اليمين ", وكما ورد في التلمود الأورشليمي " إن بنيامين يعني ابن اليمين أي ابن البركة" وكان الكهنة في العهد القديم عند اليهود عندما يقومون بالخدمة العبادية في الهيكل يقفون إلى اليمين"(17).
وعندما كان رئيس الكهنة يشرع ليقيم كهنة جدداً للخدمة العبادية في الهيكل كان يجب أن يقفوا إلى يمين المذبح.
التيامن في المسيحية:
استمر التبريك في اليمين والتقديس للتيامن في المسيحية كما كان في اليهودية.
يعلن إنجيل "مرقس البشير" عن أن اليمين هو أكبر مواضع الشرف، فعندما تريد أن تكرم ضيفا يجب أن تجلسه في موضع اليمين(18)، كما أن اليمين علاقة مساواة الابن بأبيه من حيث الشرف، فقد نص الإنجيل على أن المسيح يجلس عن يمين العظمة بعد صعوده إلى السماء"(19).
وعندهم أيضا أن اليمين مكان مستقر الأبرار، فقد نص إنجيل متى على أن الأبرار يكونون عن يمين عيسى المسيح عليه السلام يوم القيامة، أما الأشرار فيكونون عن يساره، يقول الإنجيل: "ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يميز الخراف عن يمينه والجداء عن يساره، ثم يقول للذين عن يمينه: تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم من قبل تأسيس العالم"، كما يخبر الإنجيل أن خير الصدقات باليمين، فقد أوصى ابن مريم عليه السلام أتباعه قائلا: "ومتى صنعت صدقة فلا تعلم شمالك ما فعلت يمينك"(20).
وهناك الكثير الكثير عن التيامن من الناحية الدينية والعلمية والإعجاز. بعد قراءتي للتيامن عند أهل الكتاب عرفت أنهم فعلا لا يعرفون دينهم حق المعرفة ، جاهلون به لدرجة أنهم لم يعرفوا أن في كتابهم الإنجيل أفضال للتيامن. فبعد قراءتي لذلك كله ، تأهبت لمقابلتي القادمه لتلك المسيحية لأنني مقتنعة تماماً بأن هذا ماتريد هي سماعة . ولكن مع الأسف لم أتمكن من لقاءها لأنها عادت لبلدها تكساس. ولكني سعيدة لأنها جعلتني افتح عيني عما غفلتة وجعلته عادة أكثر مماهو عبادة. وسأحتفظ بمعلوماتي هذه ان شاءالله لآخرين اقابلهم يسألونني هذا السؤال ، وهاأنا أنشرة في مدونتي لتعم الفائده وليتمكن الجميع من الرد عندما يسألكم أحد عن التيامن، ولزيادة المعلومات الشخصية وهذا الأهم.
في نهاية حديثي أحب أن انبه المسلمين من المغتربين والمغتربات بأن يحرصوا أشد الحرص بإظهار دينهم الإسلامي بصورة حسنة، لأنه كما رأيتم في ماحدث لي أن تلك المسيحيه لاحظت اهتمامنا بالتيامن من مجالستها لنا مرات قليله لا تزيد عن خمس أو ست جلسات . فأنت تحت المجهر يامسلم فبتصرفاتك وأخلاقك يحكموا على دينك.